توجهت
أنظار جماهير الكرة في الجزائر، الأسبوع الماضي، نحو اجتماع المكتب
الفدرالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم، الذي كان من المفروض أن يكون الأخير
للجنة الانتخابية، قبل الإعلان عن موعد الجمعيتين العمومية العادية
والانتخابية، مثلما حددته وزارة الشباب والرياضة لكل الاتحادات الرياضية،
بين 15 من شهر آذار/مارس ومنتصف شهر نيسان/إبريل، لكن ذلك لم يحدث، في تحدّ
جديد من طرف رئيس الاتحاد الجزائري، خير الدين زطشي، الذي جدد، في حديثه
للإذاعة الجزائرية، أمس، رفضه الالتزام بالبيان التوجيهي الصادر عن وزارتي
الداخلية والشباب والرياضة، و جدد إصراره على تنظيم جمعية عمومية استثنائية
لتغيير اللوائح والقانون الأساسي، ليواصل حربه الباردة مع وزارة الشباب
والرياضة، تحول فيها الإعلام إلى طرف مؤيد ومعارض، وخلق أجواء مشحونة في
الأوساط الكروية في الجزائر.
ولوّح رئيس الاتحاد الجزائري، الذي
يتحجج بضرورة تغيير اللوائح وتكييفها مع قوانين “فيفا”، بورقة عقوبات
ستفرضها هيئة إنفانتينو على الجزائر، في حالة الذهاب إلى جمعية عمومية
انتخابية قبل تكييف القوانين، بينما اعتبرتها تقارير إعلامية وسيلة لتغيير
القانون الأساسي للانتخابات، وقطع الطريق أمام المرشحين المحتملين لخلافته.
ويريد نفس الممارسات التي سمحت له باعتلاء كرسي الرئاسة من دون أدنى
احترام للقوانين، في شهر آذار/مارس من عام 2017، عندما تم منع المرشحين من
تقديم ملفات ترشحهم. وبلغ الأمر إلى درجة تهديدهم من وزير الشباب والرياضة
آنذاك، بتواطؤ مع رجال مال وأعمال كانوا في عهد بوتفليقة ينصبون المسؤولين
على كل المستويات لبسط نفوذهم على كل القطاعات، لكنهم سجنوا بعد ذلك وتركوا
أتباعهم يخوضون ثورة مضادة وقودها منتخب الكرة الذي يراد له أن يكون رهينة
ووسيلة ضغط على السلطات العمومية .
وأراد رئيس الاتحاد الجزائري،
هذه المرة، استعمال نفس أساليب تنصيبه سنة 2017، من خلال تسريب أخبار
مغلوطة تفيد بأنه يلقى الدعم من الوزير الأول ومن جهات نافذة في الدولة،
وتسريبات أخرى سابقة تفيد بقرب إقالة وزير الشباب والرياضة في آخر تغيير
حكومي، مما يرجح كفته ويسمح له بتنفيذ أجندته، وهو الأمر الذي لم يحدث، مما
ساهم في تأجيج الصراع الخفي الذي يطيل من عمر الأزمة، ويدخل المكتب
الفدرالي في أزمة شرعية بعد 17 من هذا الشهر، تاريخ انتخابه قبل أربع
سنوات، ما يقتضي تشكيل لجنة مؤقتة لتسيير الاتحاد تتولى تنظيم جمعية عمومية
انتخابية، وهو نفس القرار الذي سيذهب إليه “فيفا” في حال استمرار الانسداد
الذي يدفع إليه الرئيس خير الدين زطشي، ليثبت تدخّل السلطات العمومية في
شؤونه، أو يفرض منطقه على السلطات العمومية التي يعتبرها البعض ضعيفة لم
تقدر على فرض تطبيق قوانين الجمهورية.
وتحدّث خير الدين زطشي،
للإذاعة الجزائرية، عن ضرورة الحفاظ على استقرار المنتخب الوطني الجزائري
المقبل على تصفيات كأس العالم 2022، في إشارة إلى ضرورة استمراره رئيساً
لعهدة ثانية، وبأن مصير المنتخب مرتبط ببقائه، رغم أنه مرتبط أصلاً بمنظومة
أنقذها المدرب جمال بلماضي، من رداءة تسيير الاتحاد الجزائري الذي شهدت
عهدته الأولمبية فضائح بالجملة على كل المستويات الإدارية والمالية
والتنظيمية. وأخرى تتعلق بخيارات فنية كلفت الاتحاد الجزائري خسائر مالية
كبيرة، مع خيارات استراتيجية ضيعت على الكرة الجزائرية مصادر دخل كبيرة مع
الممولين والمعلنين الذين تراجعوا عن رعاية بطل أفريقيا للأمم، مثلما
تراجعت وساءت علاقات الاتحاد الجزائري مع الهيئتين القارية والدولية، ومع
اتحادات عربية وأفريقية كثيرة.
وصادف التمرد الجديد لرئيس الاتحاد
الجزائري، قرار لجنة التحكيم الرياضي، قبول الطعن الذي تقدم به بشأن ملف
ترشحه لعضوية مجلس “فيفا” في انتخابات الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي، في
12 من الشهر الحالي، والتي حسمت منذ مدة باتفاق الأعضاء على تولي مرشح
جنوب أفريقيا باتريس موتسيبي رئاسة الكاف، على أن يكون كل من السنغالي
أوغستين سنغور والموريتاني أحمد يحيى نائبين له، على أن يكون المغربي فوزي
لقجع والمصري هاني أبوريدة عضوين في مجلس “فيفا” عن القارة السمراء، ما
يعني أن مرشح الجزائر صار خارج اللعبة، وسيتلقى هزيمة نكراء ستعجّل بترحيله
مباشرة بعد عودته من العاصمة المغربية الرباط، وتمنعه من الترشح لعهدة
جديدة مثلما منع منافسيه سنة 2017.
وأخيراً، سيُكلف العناد مع
الوزارة الوصية والتمرد على قوانين الجمهورية الجزائرية والهزيمة المرتقبة
في انتخابات مجلس “فيفا”، رئيس الاتحاد ومكتبه خروجاً من الباب الضيق،
مثلما دخله من باب ضيق، فتحته له سلطة سياسية هدمت القيم والأخلاق
والمؤسسات، ويصر على رحيلها حراك شعبي متواصل يريد التغيير على كل
المستويات.
0 تعليق
Post a Comment